vendredi 21 juin 2013

الاعتداء على الذات : بقلم الأستاذ منير بن نصر


:مكانة الجسد بالسجن
يمكن الإنطلاق بفكرة أن عملية السجن هي في حد ذاتها " حجز للجسد " و هي بذالك فقدان لإمكانية التصرف فيه بنفس الحرية التي كانت عليه سابقا. و نمط العيش بالسجن و خاصة في سجون الإيقاف سوف يضع السجين في حدود علاقته بجسده من خلال طبيعة الظروف الجديدة التي طرأت و غرف الإيقاف و الحراسات المشددة على الموقوف و سكناه مع عدد من الأشخاص الآخرين الذين لم يخترهم في مكان محدود و في ظرف أمنية معينة و تحت أوقات منظمة في الأكل و الفسحة و العلاقات و التصرف و الإستحمام و بيت الراحة و النظافة .و لم يكن له الإختيار في أى أحد من ظروفها . هذا الجسد مطالب بالتعايش مع هذه الظروف الجديد . تصرف هذا الجسد و تحركاته و علاقاته و تواصله هم موضوع حراسة دائمة .
.و قليلا ما ينعم هذا الجسد ببعض الإستقلالية و الإختلاء بالذات
و يتحدث المساجين أثتاء المقابلات النفسية عن هذه الحياة السجنية عن هذه المعانات الجسدية : ويذهب البعض الى إحساسهم بظعف حاسة الشم ، أو اللمس ، أو البصر أو عن الإحساس بفقدان التوازن أول أيام الإيقاف والتي تعبر عن الإحساس بفقدان التوازن النفسي و الإحساس بالضياع . مما يجعلهم في صراع دائم مع السجن سجن الجسد .
هذه الظروف الجديدة الطارئة على الجسد توازى في حدتها علاقة الشخصية الذهانية بحدودها الجسدية .فجسد الذهاني تحمل آثار تسرعه في التعامل و هى آثار تظهر في الخدوش و الجراح و الكسور و الأسنان المحطمة و الأعضاء الناقصة المبتورة . وحدود هذا الجسد الذهاني " الجلد " ليست ملكا له لذا فهى صالحة للإستعمال كصبورة للعلاقات مع المجتمع تحمل تاريخه من خلال الأوشام و الجروح و الخدوش و التي تعبر عن محطات مهمة في حياته . فالذهاني هو شخصية قامت بالإنكماش على ذاتها حتى أن الحدوج الجسدية أصبحت خارجة عنه تماما كما يلبس شخص ثيابا واسعة عليه .

هل سبق لكن الإعتداء على ذاتك ؟ لا؟
هل تعمدت حك جرح قديم يحاول الإلتآم ؟ من أجل إستصدار الألم الناتج عنه
هل تقوم بحك إلتهاب ناتج عن وخزة إحدى الحشرات ؟
هل تقوم بفأق الحبوب على وجهك ؟
هل تلعب بلسانك في ضرس مؤلم لإستصدار الألم ؟
الاعتداء على الذات هو طريقة لإخراج ألم داخلي ، وهو نوع من التسكين لألم داخلي من خلال الحكم على الذات بالألم يجد الشخص بعض الراحة .
و الإعتداء على الذات هو أثر خارجي لألم داخلي و هي بهذا الشكل الطريقة التي إختارها الشخص الذي يعاني من ألم داخلي للتعبير عن آلام عميقة .

و يمثل الإعتداء على الذات رمزا لغضب داخلي موجه نحو الذات في غياب القدرة على مواجهة الإحباط .من ناحية أخرى هي أيضا غضب موجه نحو الذات لعدم القدرة على مواجهة الآخر مصدر الإحباط .
بهذا الشكل يصبح الإعتداء على الذات غضب موجه بشكل خاطئ ، أو غضب غير معروض أو غير واضح المعالم و الأسباب بذهن القائم به . و بما أنه لايوجد سبب واضح و جلي بذهن الضحية فإنه يقوم بالإعتداء على نفسه لإنها (النفس ) الثابت الوحيد المتبقي لديه . .
والله ضلامت في وجهي .. تسكرت الله غالب .... ما نعرفش كيفاش ضياقت في وجهي ....
إن ضحايا هذا السلوك هم عادة ضعيفو القدرة على التعبير على عواطفهم و إحساساتهم . فهم يحدثونك عن أفعالهم و علاقاتهم دون ربط ذالك بأحاسيسهم الداخلية و عواطفهم .
التحقيق ما حبش يفهم....قتلو ماعملت شيئ قالي هات ما يثبت ....أنا ما عملت شيئ وهو يضلمني هكاكا ....شربت روحي
سبلي أمي ....ضربت روحي...لقيت ما عاد عندي حتى شيئ نعملو ...ضربت روحي ...
فتمر الحياة الداخلية من أحاسيس و مشاعر عبر هذه الجروح التي يفتحونها في أجسادهم .......كيف نضرب روحي نرتاح .... و كما يقال
جرى الدم زال الهم .....
بهذا الشكل يتخاطب المعتدي على ذاته مع المجتمع ....و بهذا الشكل يقرأهذا السلوك مثل دوامة عميقة من الكره و عدم الثقة و الخجل و قلة القدرة على إيجاد المساعدة من خارج الذات فيفتح الجلد " ثوب ربي " للتنفيس عن الضغط فتكون هذه الجروح مصدرا الألم و في نفس الوقت مبعثا للراحة و مطلبا للذة الراحة ....
و الغريب في الأمر يتمثل في ظهور سلوكات الإعتداء على الذات حتي عند الإإحساس بالفرحة أو سلوكات الإنتشاء .... أوعند التعبير عن الفرحة ...هذا ما نشاهده في الكليبات الراقصة : كليب "العنب " مثلا
أو الإغاني الشعبية : والله نظرب روحي
أو عند الإحساس بالإنتشاء من جراء شرب الخمر يقوم بعض الأشخاص بالإعتداء على ذواتهم ....أو بإطفاء السجائر على جلدهم ...أو عند بعض الطقوس التقليدية الحظرة مثلا
ينبع هذا السلوك من نفس الرغبة السابقة في إخراج الألم المخزون لدى الشخص ...و بما أنه سلوك عنيف ، تهديدي فإنه يخيف الناظر إليه و بالتالي فإنه يعمق الفجوة بين القائم بالفعل و المجتمع ....فإن سلمنا بأنه سلوك يعبر عن ألم لم يقع تفريغه فيجب التفكير بأن هذا السلوك لن يمكن الشخص من التفريغ بحكم أنه مثير للإشمئزاز و بالتالي يجد الشخص نفسه في حلقة مفرغة
في عديد الحالات لا يتذكر المعتدين على ذواتهم الإسباب الإصلية لسلوكهم .....يقع التركيز لديهم فقط على الإحساس بالألم و تخزينه في الذاكرة و بما أنه ألم فهو نداء جامح متواصل و نهم .
هذه الوضعية تجعل العلاج صعبا للغاية بما أن الذاكرة لا تحتوي على جوهر الأمور بل فقط على مضمونها المتمثل في المعاناة... و كيف يمكن التعاطي بسهولة مع شخص ليست له ذاكرة ، و لا عواطف ولا شيئ غير الجرح و الألم النازف عنه...
بسمات ما داويــــــــــــــــــــــــه
جرحي
إلي فات عايش بيــــــــــــــــــــه
جرحي
و تذهب بعض الدراسات الى أن ضحايا هذا السلوك قد تعرضو الى آلام جسدية حادة في سن مبكر لا يمكنهم من التعبيراللفضي أو الحركي و بالتالي فإن الإعتداء على الذات هو في هذه الحالة سرد لوقائع قديمة و لا شعورية و مخزونة . يقوم المعتدي على ذاته بإعادة الألم الناتج عن حادث قديم لأنه لم يستطع تفريغه و لا هو قادر على تفريغه الآن في غياب الذاكرة و الوقائع و الشهود عن الواقع .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More